-
المالية والموازنةأبريل 03، 2020
الأزمة المالية في لبنان: أين ذهبت الأموال
- مايك عازار
مقابلة مع مايك عازار، خبير مالي
طمأن حاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف الناس مراراً وتكراراً بأنّ ودائعهم بأمان على الرغم من عجزهم عن سحب ودائعهم.
• لماذا لا يستطيع الناس سحب ودائعهم؟
لدى الناس اليوم قدرة محدودة على التصرّف بودائعهم لأنّ المصارف لا تملك سيولة بالدولار. فدولارات المصارف موزّعة على شكل أصول ضعيفة، أي أصول فقدت جزءاً كبيراً من قيمتها، كالودائع لدى مصرف لبنان والقروض الممنوحة للحكومة اللبنانيّة والقطاع الخاص. ويشير التحليل الذي أجريناه أنا والخبير الاقتصاديّ آندي خليل إلى أنّ الثغرة بين الودائع الإجمالية بالدولار - ودائع العملاء المقيمين وغير المقيمين - والدولارات المتبقية في النظام تبلغ حالياً ما بين 70 و80%. بتعبير آخر، يواجه أصحاب الودائع المقوّمة بالدولار، مجتمعين، خطراً يتمثّل في خسارة أكثر من 70% من أموالهم. ومن المرجّح أن يرتفع هذا الرقم مع مرور الوقت نتيجة سحب احتياطي مصرف لبنان لتمويل الواردات، بالإضافة إلى عوامل أخرى.
ويعجز الناس أيضاً عن سحب ودائعهم المقوّمة بالليرة اللبنانية لأنّه لو سُمح لهم بالتصرّف بها بحريّة تامّة، لتهافت الكثيرون منهم إلى الصرّافين ليحوّلوها إلى الدولار، ما سيتسبّب في إضعاف الليرة اللبنانية أكثر فأكثر.
• كيف استُخدمت الودائع؟
إذا استندنا إلى الميزانية العمومية الموحّدة للمصارف اللبنانية، يمكننا أن نقدّر أنّ أصول المصارف الإجمالية المقوّمة بالدولار (حوالي 126 مليار دولار) موزّعة على الشكل الآتي:مصرف لبنان: تمّ إيداع حوالي 70 مليار دولار (56%) لدى مصرف لبنان، علماً أنّ هذا الرقم يتخطى على الأرجح 80 مليار دولار اليوم
سندات اليوروبوند الحكومية: هناك 12,7 مليارات دولار (10%) على شكل دين حكوميّ مقوّم بالدولار
القطاع الخاص المقيم: هناك 28,7 مليارات دولار (23%) على شكل قروض لأفراد وشركات في لبنان يُشار إليها على أنّها مطالبات مستحَقّة من القطاع الخاص المقيم
سبق وأشرنا أعلاه إلى إنّ 66% تقريباً من الأصول الأجنبية التابعة للمصارف هي على شكل مطالبات مستحقَّة من مصرف لبنان والحكومة. هذا ما حلّ إذاً بمعظم دولارات المودعين.
وقد أنفق مصرف لبنان غالبية الأموال المودعة لديه للحفاظ على سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، وبنسبة أقلّ، لتمويل العجز الماليّ للحكومة من خلال شراء سندات اليوروبوند مباشرةً. بتعبير أبسط، "باع" مصرف لبنان غالبية هذه الدولارات (أي ودائع المصارف لدى مصرف لبنان، وبالتالي، ودائع المودعين لدى المصارف) بسعر 1,500 ليرة لبنانية للدولار الواحد من أجل تمويل الواردات الداخلة إلى لبنان.
وتشير بيانات إدارة الجمارك اللبنانية وإدارة الإحصاء المركزيّ ومصرف لبنان إلى أنّ 55 مليار دولار تقريباً قد خرجت من لبنان منذ العام 2010 على شكل "تحويلات" (مثلاً، إرسال الموظفين الأجانب في لبنان الأموال إلى بلدانهم الأمّ، وتسديد الأهل أقساط أولادهم الجامعية في الخارج، وتحويلات شخصية أخرى إلى الخارج، وغيرها)، وأنّ 45 مليار دولار قد أُنفقت على المنتجات البترولية (كالوقود من أجل مؤسسة كهرباء لبنان وقطاع النقل)، وأنّ 40 مليار دولار قد صُرفت على رحلات السفر الشخصية، و30 مليار دولار على واردات غذائية متنوعة، و18 مليار دولار على استيراد المركبات. وتساوي هذه المبالغ وحدها ما يقارب 188 مليار دولار أُنفقت بين العامين 2010 و2018 بتمويل جزئيّ من ودائع المغتربين اللبنانيين المقوّمة بالدولار والتحويلات المالية وسندات اليوروبوند (ديون بالعملة الأجنبية) التي أصدرتها الحكومة اللبنانية والاستثمارات الأجنبية المباشرة والصادرات اللبنانية المحدودة.
وقد أعلن وزير المال غازي وزني مؤخراً أنّ الاحتياطي السائل المتبقي لدى مصرف لبنان يبلغ 22 مليار دولار1 وسيُستخدم لتمويل الواردات إلى حين العثور على مصدر تمويل آخر بالدولار. من المستبعد إذاً أن يتمكن مصرف لبنان من تسديد الودائع المستحقة للمصارف.
وتحتفظ المصارف أيضاً بحوالي 12,7 مليارات دولار على شكل دين حكوميّ بالدولار. وقد استُخدمت هذه الأموال لتمويل العجز الماليّ الحكوميّ الذي يعود جزء كبير منه إلى تكاليف الوقود لدى مؤسسة كهرباء لبنان. وأعلنت الحكومة مؤخراً أنّها تعتزم إعادة هيكلة ديون اليوروبوند، ما سيكبّد المصارف مزيداً من الخسائر، أو بتعبير أدقّ، سيؤدي إلى تحقّق الخسائر فعلياً بما أنّ تسديد سندات اليوروبوند سيتمّ باستخدام الـ 22 مليار دولار نفسها التي تشكل احتياطي مصرف لبنان بالعملة الأجنبية. ونتيجة لذلك، فإنّ كلّ دولار يُدفع لإعادة شراء سند يوروبوند هو دولار غير متوفر لإعادة ودائع المصارف الموجودة لدى مصرف لبنان.
وإنّ حوالي 23% (28,7 مليارات دولار) من أصول المصارف بالدولار هي قروض للقطاع الخاص المقيم. وسيصنَّف جزء كبير من هذه القروض على أنّه "متعثّر" مع انكماش الاقتصاد وارتفاع نسبة البطالة ومواجهة القطاع الخاص صعوبة في مواصلة أعماله، ما سيشكل ضغوطاً إضافية على سيولة المصارف بالدولار وقدرتها على تلبية مطالب المودعين. وستواجه المصارف مشاكل أكبر متعلقة بالسيولة في حال استمرار ما يلي: أولاً، سداد القروض المقوّمة بالدولار بالليرة اللبنانية، ما يعني أنّ الأصول الدولارية التي كان من المفترض أن تستخدمها المصارف لتسديد الودائع المقوّمة بالدولار ستحوّل إلى أصول بالليرة اللبنانية، وثانياً تحويل ودائع المستهلكين المقوّمة بالليرة اللبنانية إلى الدولار، ما سيزيد من التزامات المصارف بالدولار من دون أن تتوفر في المقابل أصول جديدة بالدولار.
• مَن المسؤول عن سوء إدارة الودائع؟
في أيّ مجتمع كان، تقع المسؤولية في نهاية المطاف على صانعي القرارات السياسية المسؤولين عن إدارة الاقتصاد. وبما أنّ النظام السياسيّ في لبنان يحول دون المساءلة، لم تطبَّق الإصلاحات قطّ. وقد سمحت المساعدات الدولية منذ التسعينيات – بالإضافة إلى تحويلات المغتربين الأثرياء نسبياً والذين يحّنون إلى وطنهم الأمّ - للنظام بالاستمرار من دون إصلاحات، وإن بصعوبة.
على سبيل المثال، أدّى عجز القيادة السياسية عن إصلاح قطاع الكهرباء في العقود الماضية إلى تداعيات كارثية. واليوم، قد يؤدي التأخر في معالجة الأزمة الحالية بشفافية وفعالية إلى عواقب وخيمة.
في العام 2008، عندما كانت الأزمة المالية العالمية في أوجها، تدفّقت مليارات الدولارات إلى لبنان الذي اعتُبر ملاذاً آمناً في تلك الفترة. وقد حظي لبنان بفرصة مذهلة لإصلاح قطاع الكهرباء وتنمية الاقتصاد وبناء صناعة تصديرية وتحرير سعر صرف الليرة. فسعر صرف الليرة مقابل الدولار، الذي حافظ على مستوى مرتفع بطريقة مصطنَعة، جعل السلع والخدمات اللبنانية باهظة الثمن مقارنةً بالسلع الأجنبية، وبالتالي، غير تنافسية. ونتيجةً لذلك، لا يتمتع لبنان بصناعة تصديرية كفؤة. فقد أدت السياسات الاقتصادية الضعيفة إلى استخدام هذه التدفقات المالية في الاستهلاك المفرط للوادرات وفي المشاريع العقارية غير المثمرة والإنفاق الحكوميّ المُسرف.
وتقع المسؤولية أيضاً على عاتق صانعي القرارات في مصرف لبنان بسبب سوء إدارتهم للسياسة النقدية وغياب الشفافية وعدم توفر البيانات الكافية لديهم واستعدادهم لرؤية الاقتصاد اللبنانيّ ينهار من خلال رفضهم دقّ ناقوس الخطر للتحذير من العواقب الوخيمة التي قد تنجم عن الاستمرار في تثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار. لقد كانت عمليات "الهندسة المالية" في السنوات الخمسة الماضية مجرّد محاولة للمماطلة في حلّ المشكلة، وإن كان الثمن باهظاً. فقدّم مصرف لبنان أسعار فائدة مرتفعة جداً على الودائع الجديدة بالدولار على الرغم من تحقيقه مكاسب منخفضة جداً بالدولار، ما أدّى إلى إلحاق خسائر هائلة بهذه الودائع. وبالتالي، تمّ تسديد الفائدة على الودائع المقوّمة بالدولار من خلال جذب ودائع جديدة بالدولار بأسعار فائدة أعلى بعد، ما تسبّب في تفاقم المشكلة. وقد فعل مصرف لبنان كلّ ذلك من دون أن يكون شفافاً مع الشعب اللبنانيّ كما ينبغي.
فضلاً عن ذلك، تقع المسؤولية على عاتق بعض مديري المصارف والمساهمين الذين حققوا أرباحاً هائلة عن طريق النظام المالي والاقتصادي غير المستدام، وذلك على حساب المودعين والمكلّفين. فقد جذبت المصارف أصحاب الودائع المقوّمة بالدولار من خلال تقديم أسعار فائدة مرتفعة جداً وإيداع تلك الأموال لدى مصرف لبنان، من دون الإفصاح للعملاء عن المخاطر المحتملة. وفي الوقت نفسه، حقّقت المصارف أرباحاً طائلة وكانت في موقع يسمح لها بكشف الحقيقة لكنّ معظمها اختار عدم فعل ذلك. واليوم، تحاول المصارف نفسها التعويض عن خسائرها على حساب المودعين عن طريق إقناع العملاء بتجميد ودائعهم أو بتحويل ودائعهم المقوّمة بالدولار إلى أسهم مصرفيّة (لا قيمة لها على الأرجح، وأقلّ أهمية من الودائع في حال الإفلاس).
ويتحمّل المسؤولية أيضاً أيّ شخص يتمتع بالسلطة أو النفوذ وكان قادراً على كشف حقيقة الفساد وسوء الإدارة والنظام المالي والاقتصادي غير المستدام في العقود الماضية، لكنّه فضّل أن يلزم الصمت.
• كيف يمكن إتاحة سحب الودائع مجدداً؟
من المستبعد أن يتمكن الناس قريباً من سحب أموالهم من دون قيود. فبحسب تقديرات الخبير الاقتصاديّ آندي خليل المستندة إلى بيانات المصرف المركزي، تبلغ "الفجوة الدولارية" (الفرق بين ودائع القطاع الخاص المقيم بالدولار وصافي الأصول الأجنبية لدى المصارف ومصرف لبنان) أكثر من 80 مليار دولار، من دون أخذ مجالات خسارة الدولار المحتملة الأخرى بالاعتبار (أي القروض المتعثرة، والمزيد من الدولرة، وتسديد القروض المقومة بالدولار بالليرة اللبنانية، إلخ.). وبالتالي، تدعو الحاجة إلى إعادة رسملة القطاع المصرفيّ، بما فيه مصرف لبنان، المسؤول عن جزء كبير من الخسائر. لكنّ الإجراءات التي سُتّتخذ لمعالجة هذه الفجوة و/أو إعادة هيكلة المصارف ومصرف لبنان ما زالت غير واضحة.
وبشكل عامّ، تتمّ إعادة الهيكلة باستخدام ثلاث وسائل. تتكوّن التزامات المصارف في غالبيتها من ودائع العملاء لديها والفائدة على تلك الودائع. وتفي المصارف بالتزاماتها هذه عن طريق استخدام أصولها (مثلاً، قروض إلى القطاع الخاص أو الحكومة، واستثمارات أخرى). لكنّ أصول المصارف اللبنانية ضعيفة الآن، ما يحول دون وفاء المصارف بالتزاماتها. كيف يمكن إذاً معالجة هذه الأزمة المصرفية لكي يتمكن المودعون من سحب أموالهم مجدداً؟
1. رفع رأس المال: تأمين رأس مال جديد عن طريق بيع الأسهم أو الأصول أو الأدوات المالية الأخرى. فعند رفع رأس المال، تشهد المصارف زيادة في أصولها السائلة الجيدة التي تسمح لها بالوفاء بالتزاماتها. في شهر تشرين الثاني المنصرم، طلب مصرف لبنان من المصارف زيادة رأس مالها بنسبة 20%. وليس معروفاً ما إذا كانت معظم المصارف قادرة على زيادة رأس مالها، وحتى لو فعلت ذلك، ستكون المبالغ غير كافية للتعويض عن الخسائر الكبيرة التي لحقت بها. فنظراً إلى حجم الخسائر الحالية وارتفاع احتمال حصول إنقاذ داخلي (bail-in) للمصارف من أموال المودعين (التفاصيل في النقطة 4 أدناه)، يتردد أصحاب الأسهم المصرفية في زيادة رأس المال في الوقت الحالي لأنّهم بذلك سيودعون أموالاً جديدة في مصارف على شفير الإفلاس، ما يعني أنّ رؤوس الأموال الجديدة ستختفي بالكامل.
2. استبدال الأصول العقيمة بأصول جيدة: خلال الأزمة المالية العالمية، عمد بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي إلى شراء الأصول العقيمة لدى المصارف الأميركية وإعطاء تلك المصارف أصولاً جيدة / نقدية عوضاً عنها، ما سمح لها بالوفاء بالتزاماتها (أي تسديد ودائع العملاء). لكن في حالة لبنان، لا تملك الحكومة ولا مصرف لبنان ما يكفي من الدولارات لشراء الأصول العقيمة لدى المصارف اللبنانية أو لضخّ الدولارات. فمعظم الأصول المصرفية العقيمة هي في الواقع قروض مقدّمة إلى الحكومة ومصرف لبنان.
3. التحويل إلى الليرة: تحويل التزامات مصرف لبنان/المصارف المقوّمة بالدولار إلى الليرة اللبنانية. بتعبير آخر، تحويل الوادئع المقوّمة بالدولار إلى ودائع بالليرة اللبنانية بما يسمح لمصرف لبنان/الحكومة بتمويلها بما أن مصرف لبنان يستطيع ببساطة طباعة المزيد من أوراق العملة المحلية. وقد تكون لهذه الخطوة تداعيات كارثية على تضخم الأسعار المحلية في حال الإفراط في تحويل الودائع من الدولار إلى الليرة، ما يؤدي إلى ازدياد كمية الأموال المتوفرة في السوق بسرعة كبيرة مقارنةً بحجم الاقتصاد. ولذلك، قد يكون من الضروري، في حال اعتماد هذا النهج، الاستمرار في تطبيق تدابير الكابيتال كونترول على الليرة لفترة طويلة بغية الحدّ من التداعيات الناجمة عن سعر صرف الليرة وتضخم الأسعار.
4. خفض الالتزامات المصرفية: يمكن خفض الالتزامات المصرفية بشكل عامّ بطريقتين: اللجوء إلى الإنقاذ الداخلي (bail-in) (تحويل الودائع إلى أسهم مصرفية) أو تجميد الودائع لفترة طويلة لإعفاء المصارف من الوفاء بهذه الالتزامات لفترة من الوقت.
كما سمعنا مؤخراً من رئيس الوزراء حسان دياب ورئيس المال غازي وزني، تدرس الحكومة اللبنانية حالياً النهجين الثالث والرابع. وقد أشار رئيس الوزراء إلى أنّ الحكومة ستسعى إلى حماية 90% من المودعين على الأقلّ. وعدا عن هذه التصريحات العامة الصادرة عن المسؤولين الحكوميين، لا تتوفر تفاصيل أخرى عن خطة الحكومة. ومن المحتمل أن تستخدم الحكومة مزيجاً من النهجين الثالث والرابع، علماً أنّ النهجين الأول والثاني هما للأسف الوحيدان اللذان يحميان المودعين من تكبّد الخسائر.
ونظراً إلى حجم "الفجوة الدولارية" التي ذكرناها في بداية هذه المقالة (أي إنّ حجم الخسائر التقديري هو أكبر من 70-80% من مجموع الودائع ويسجل تزايداً)، من غير الواضح كيف ستتمكن الحكومة من حماية 90% من المودعين. في جميع الأحوال، سيشهد أصحاب الودائع المقوّمة بالليرة على الأرجح تراجع القيمة الحقيقية لودائعهم نتيجة تناقص قيمة الليرة مقابل الدولار وارتفاع تضخم الأسعار، وإن لم يكونوا معنيّين مباشرةً بإعادة هيكلة المصارف. فقد يؤثّر ذلك في الواقع على جميع اللبنانيين بغضّ النظر عمّا إذا كانت لديهم حسابات مصرفية. لذلك، من الضروريّ عند إعادة رسملة المصارف الحرص على الحدّ من التداعيات على معظم المواطنين اللبنانيين، سواء أكانت لديهم حسابات مصرفية بالدولار أم لا.
وبغضّ النظر عن النهج المتّبع في إعادة رسملة المصارف، يحتاج الاقتصاد اللبنانيّ بشكل عاجل إلى سيولة من الخارج بالدولار وإلا فسيشهد انكماشاً أكثر حدّة بعد. فلبنان بلد صغير ومفتوح يعتمد اقتصاده على الاستيراد. وبالتالي، سيؤدي النقص في الدولار إلى تقلص النشاط الاقتصادي وتراجع الواردات – حتى الواردات "الإنتاجية"، كالاستثمارات الرأسمالية، الضرورية للنموّ الاقتصاديّ في المستقبل. وسيكون لذلك انعكاسات كارثية على قدرة لبنان على التعافي على المدى البعيد بما أنّ بعض التداعيات المحتملة، كهجرة الأدمعة وانخفاض الاستثمارات الرأسمالية، ستؤدي إلى تراجع الإمكانات الاقتصادية المستقبلية.
1- استناداً إلى إطلالة وزير المال غازي وزني في برنامج تلفزيوني على شاشة "أل بي سي". انظر: "رؤية 2030 – الحلقة 26"، أل بي سي، 9 آذار 2020، https://www.lbcgroup.tv/watch/49727/episode-26-after-the-9th-of-march/en