ما هي المسألة المطروحة؟
خلَّفَ انفجار مرفأ بيروت في ٤ آب 2020 كمّيات كبيرة من الردميات، وبعضُها مُلوَّث بالأسبيستوس،
[1] بالإضافة إلى النفايات الكيميائية الخطرة الموجودة في المرفأ. تُشكِّل هذه النفايات خطرًا على البيئة والصحّة العامّة، ويجب التعامل معها بطريقة صحيحة ومناسبة.
في ١٤ أيلول وبعد مرور شهر على الانفجار، عقدت لجنة البيئة النيابية اجتماعًا لمناقشة التداعيات البيئية للانفجار والحرائق التي اندلعت في المرفأ في 10 أيلول (البرلمان اللبناني، 2020). وصدرَت عن اللجنة سلسلةٌ من التوصيات، بما فيها ضرورة القيام بما يلي:
في تشرين الثاني 2020، وقّعت الحكومة اللبنانية، عبر إدارة المرفأ، على عقدٍ بالتراضي مع الشركة الألمانية «كومبي ليفت» لإدارة وشحن المواد الكيميائية الخطرة الموجودة في المرفأ (The National News MENA Lebanon، 2021). وقد بلغت قيمة العقد ٣٫٦ مليون دولار أميركي من أجل شحن ٤٩ مستوعبًا (٢٠ قدمًا)، على أن تُسدِّد إدارة المرفأ مليونَيْ دولار أميركي، وتتكفّل شركة «كومبي ليفت» بالتكاليف الأخرى (AFP, 2021).
أنجزت شركة «كومبي ليفت» عملها في مطلع شهر آذار 2021، لكنْ تأخَّرَت عملية الترحيل بسبب مشاكل في الدفع (The National News MENA Lebanon، 2021). وعثرت الشركة على كمية من المواد الخطرة تتخطّى ما كان متوقَّعًا. قامت بتخليص ٧٢ مستوعبًا من النفايات، وتمّ تصدير ٥٩ منها في ٥ أيّار 2021 وفقًا لاتّفاقية بازل،
[2]من أجل حرقها في ثلاثة مرافق في ألمانيا وبقيَ ١٣ مستوعبًا لتتمّ معالجتها في لبنان. وبحسب هيكو فيلدرهوف، المدير التنفيذي لشركة «كومبي ليفت»، قامت الشركة بمعالجة المواد الكيميائية الإضافية مجّانًا، علمًا أنَّ الكلفة الإضافية تُقَدَّر بمليونَيْ دولار أميركي (The National News MENA Lebanon، 2021).
بالنسبة إلى نفايات الردميات، تمّ تخزين الركام خارج المرفأ في مساحة خصّصتها بلدية بيروت في منطقة الكرنتينا، بينما لا تزال نفايات المرفأ في مكانها بانتظار خطّة من الحكومة. وقد تبيّن أنَّ بعض الركام ملوّثٌ بالأسبيستوس. وفي 22 و29 نيسان 2021، اجتمعت لجنة البيئة النيابية بعد مرور ٨ أشهر على اجتماعها في العام 2020 من أجل مناقشة حالة الردميات وكيفية إدارتها بطريقة آمنة بيئيًا.
ودعت اللجنةُ وزارةَ البيئة إلى متابعة هذه المسائل، وسألت محافظ بيروت وإدارة المرفأ عمّا إذا كانَ قد تمّ التواصل مع وزارتَيْ الصحّة العامّة والعمل بشأن الإرشادات المتعلّقة بالمعالجة السليمة للمخلّفات المُلوَّثة بالأسبيستوس. ولم تُسفر الاجتماعات عن أيّ إجراءات ملموسة حول كيفية التعامل مع الردميات. وطرحت اللجنة البرلمانية أيضًا بعض الأسئلة حول ملكية النفايات الكيميائية الخطرة التي جمعتها شركة «كومبي ليفت»، وكيفية دخول هذه المواد الكيميائية إلى البلد، وسبب تخزينها في المرفأ، وسبب التوقيع على عقد بالتراضي لإدارتها من دون طرح مناقصة، ولماذا دفعَت الحكومة تكاليف التخلّص منها (مجلس النواب اللبناني، 2021).
لماذا هذا مهمّ؟أدّى عدم تطبيق تدابير الصحّة والسلامة والبيئة إلى وقوع انفجار مرفأ بيروت وما تلاه من حرائق، بالإضافة إلى ما نتجَ عنه من تلوّثٍ بيئي وأضرار على الصحّة العامّة والاقتصاد. وقد برهنَ الحادث عن وجود خلل في إدارة المخاطر والكوارث في البلد وعن الحاجة الماسّة إلى تعزيز إجراءات الوقاية والاستجابة.
خلَّفَ انفجار مرفأ بيروت كمّيات كبيرة من المواد الكيميائية والأنقاض المُلوَّثة بمواد الأسبيستوس، ولم يتمّ التعامل معها بشكل سليم، وهو أمرٌ يشكّل خطرًا بيئيًا وضررًا على الصحّة العامّة في محيط المرفأ.
الخلفيةفي 4 آب 2020، انفجر حوالي 2,750 طنًّا من مادّة نترات الأمونيوم المُخزَّنة في مرفأ بيروت، ما أدّى إلى مقتل أكثر من 200 شخص، وإصابة 6 آلاف وتشريد 300 ألف شخص. وتسبَّبَ الانفجار بدمارٍ هائل في المرفأ والمناطق المحيطة، على مسافة تتراوح بين كيلومترَيْن إلى 5 كيلومترات (برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي، 2020). أشارَت تقديرات برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي إلى أنَّ كمّية الردميات خارج المرفأ تتراوح بين 800 ألف ومليون طنّ، وتبلغ كمّية نفايات الزجاج حوالي 20 ألف طنّ، والحطام قرابة 200 ألف طنّ (برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي، 2020). وجاءَ في تقريرٍ صادرٍ عن الاتّحاد الأوروبي أنَّ الأسبيستوس، الناجم عن المواد المُستخدَمة في بناء الأسقف، منتشرٌ على كلّ مساحة المرفأ وموجودٌ بين الردميات في الموقع، بالإضافة إلى 49 مستوعبًا يحتوي على مواد كيميائية ومواد خطرة في ظروف تخزين سيّئة، ما يُهدِّد صحّة الإنسان والبيئة (EU, LDK, 2020).
[1] الأسبيستوس معدن طبيعي يحتوي على الألياف وقد يؤدّي استنشاقه إلى الإصابة بسرطان الرئة، وورم المتوسّطة، وسرطان الحنجرة والمبيض، وداء الأَسْبَسْت (تليُّف الرئتَيْن) (منظّمة الصحّة العالمية، 2014).
[2] اتّفاقية بازل بشأن «التحكّم في نقل النفايات الخطرة والتخلّص منها عبر الحدود» هي اتّفاقٌ متعدّد الأطراف اعتُمِد في ٢٢ آذار/مارس ١٩٨٩ من أجل حماية صحّة الإنسان والبيئة (برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي، غير محدّد)، وذلك عبر التخفيف من حركة النفايات الخطرة بين الدول، ولا سيّما من البلدان المتطوّرة إلى البلدان الأقلّ تطوُّرًا (اتّفاقية بازل، غير محدّد). صادقَ لبنان على هذه الاتّفاقية بموجب القانون 387/1994.