• تنمية
    فبراير 12، 2025

    إدارة مخلّفات البناء والهدم في لبنان

    • رشا عاقل
    إدارة مخلّفات البناء والهدم في لبنان

    في إطار جهود المناصرة التي يبذلها المركز اللبناني للدراسات في سبيل تحقيق تعافٍ مستدام من انفجار مرفأ بيروت، يكون محوره ووجهته الإنسان وكرامة عيشه. وتماشيًا مع مساعيه الرامية إلى تعزيز العدالة الاجتماعية المُنصِفة والشاملة للجميع، وبناء الثقة بين الأفراد والكيانات الجمعية والحكومة اللبنانية، أقام المركز شراكة مع منظّمة الشفافية الدولية وفرعها الوطني، أي منظمة الشفافية الدولية لبنان- لا فساد، لإصدار "مرصد الإصلاح". ترتبط المواضيع التي يغطيها المرصد بمجالات الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار، ويندرج نشره في إطار مشروع بناء النزاهة والمساءلة الوطنية في لبنان ("بناء") المموّل من الاتحاد الأوروبي. الآراء الواردة فيه لا تعكس بالضرورة وجهة نظر الجهة المانحة.


     

    ما القضية المطروحة؟

    لا يزال لبنان يعاني من الآثار المدمّرة للنزاع المستمر على حدوده الجنوبية، حيث شهدت مناطق مختلفة من البلاد، بما في ذلك البقاع وجنوب لبنان وضاحية بيروت الجنوبية، تدميرًا مُمنهجًا أدى إلى توليد كميات كبيرة من الركام والحطام. ووفقًا للنداء العاجل الصادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ألحق النزاع المستمر دمارًا كبيرًا وأضرارًا بالبنية التحتية القائمة، بالإضافة إلى تعريضها لضغوط كبيرة (مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تشرين الأول/أكتوبر 2024).

     

    ويقدّر تقرير التقييم الأولي للأضرار والخسائر الصادر عن البنك الدولي تضرّر 99,209 وحدة سكنية بفعل النزاع، حيث دُمّر 18٪ منها تدميرًا كاملًا، وتضرّر 82٪ منها جزئيًا (البنك الدولي، تشرين الثاني/نوفمبر 2024). وتشير التقديرات الأولية لمخلّفات البناء والهدم في تشرين الثاني/نوفمبر 2024 إلى كمية ضخمة تتراوح بين 50 إلى 100 مليون طن (كلّاب وقصقص، 2024). وبالإضافة إلى أطنان الحطام الناتجة عن النزاع، من المتوقع أن ينتج عن جهود التعافي وإعادة الإعمار المستقبلية مزيد من مخلّفات البناء والهدم.

     

    مخلّفات البناء والهدم

    تشير مخلّفات البناء والهدم عمومًا إلى المخلّفات الناتجة عن أنشطة البناء والهدم، مثل تشييد المباني والبنى التحتية وهدمها، وتخطيط الطرق وصيانتها. وفي لبنان، لا تقتصر مخلّفات الهدم على أنشطة البناء فحسب، بل تشمل أيضًا الحطام والركام الناتجَيْن عن حالات الطوارئ مثل الحروب والنزاعات (مخلّفات الهدم الناتجة عن حالات الطوارئ).

     

    وفي معظم الحالات، تتألف المكوّنات الرئيسية للحطام من الإسمنت، والطوب، والصخور أو الحجارة، والخشب، والأسفلت، والتربة الناتجة عن الحفريات، والجصّ، والمعادن، والمعدات الكهربائية المنزلية كأجهزة المطبخ، والمخلّفات الإلكترونية، والأثاث، والورق، والكرتون، والبلاستيك، والزجاج (إرشادات إدارة الحطام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 2010). ويحتوي الركام الناتج عن الحروب والنزاعات على مكونات خطرة إضافية، تشمل الذخائر غير المنفجرة، والرفات البشرية، والفوسفور الأبيض، والمخلّفات الإلكترونية، والمعادن الثقيلة الناتجة عن البطاريات والألواح الشمسية.

     

    تشكل مخلّفات البناء والهدم أكبر مكوّن من مخلّفات الكوارث (لوثر، 2017). ووفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يحدِّد نوع المبنى (سواء كان المبنى سكنيًا أو تجاريًا أو صناعيًا) كمية مخلّفات الهدم الناتجة عن تدميره الكامل (تقييم مخلّفات الهدم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 2020). وعادةً ما يأتي الركام الناتج عن الكوارث أو النزاعات من تنظيف الحطام، وهدم المباني المتضررة وإصلاحها، وهدم البنى التحتية المستهدفة، وتأهيل الطرق المتضررة، ومخلّفات إعادة الإعمار الناتجة عن تشييد المباني وإصلاحها (إرشادات إدارة الحطام لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 2010).

     

    وعلى الرغم من أنّ جزءًا من مخلّفات البناء والهدم يُعاد استخدامه في الردم، وتوسيع الموانئ، واستصلاح البحر، إلا أنّ الجزء الأكبر منها يُلقى بشكلٍ غير قانوني في الوديان أو المقالع الخالية. كما تُسترجع مكوّنات فردية كالفولاذ والنحاس والألومنيوم، وغيرها من المعادن، لإعادة استخدامها أو إعادة تدويرها. أما في الدول النامية، فغالبًا ما ينتهي المطاف بمخلّفات البناء والهدم في مكبّات النفايات غير الخاضعة للرقابة، ما يجعل التعامل معها تحديًا كبيرًا. وتواجه هذه الدول صعوبة في تطوير وتنفيذ استراتيجيات فعّالة لإدارة مخلّفات الهدم (تمراز وآخرون، 2011). وقد اقترح مسؤولون حكوميون مؤخرًا التخلّص من الركام الذي خلّفته الحرب على طول الساحل (الأخبار، 2024).

     

    التجارب السابقة

    واجه لبنان تحديات متكرّرة نتيجة كمّيات الركام والحطام الناجمة عن حالات الطوارئ أو الكوارث. فقد أسفر انفجار مرفأ بيروت في آب/أغسطس 2020 عن توليد كمية تقدّر بـ800,000 إلى 1,000,000 طن من مخلّفات البناء والهدم الناتجة عن هدم المباني المتضررة في بيروت (من دون احتساب تلك الناجمة عن تنظيف المرفأ). وبعد الانفجار، خصّصت بلدية بيروت موقعًا مؤقتًا لتخزين مخلّفات الهدم في الكرنتينا، حيث نُقلت معظم هذه المخلّفات وغيرها من مخلّفات الكوارث إلى هناك (تقييم مخلّفات الهدم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 2020). ووفقًا للطويل وآخرين (2023)، جرى التخلص من معظم المخلّفات الملوَّثة بالأسبستوس بطريقةٍ عشوائيةٍ في جميع أنحاء البلاد.

     

    وحتى قبل الانفجار، افتقر لبنان لاستراتيجية وطنية واضحة بشأن مخلّفات البناء والهدم. ففي أعقاب حرب تموز/يوليو 2006، تولّدت كمية كبيرة من مخلّفات الهدم الناجمة عن حالة الطوارئ تلك، قُدرت بـ3 ملايين متر مكعب من الركام. وجرى التخلّص من معظمها في مواقع مؤقتة قائمة أو مستصلحة على اليابسة وفي البحر (تمراز وآخرون، 2011). كما أسفر النزاع المسلح في مخيم نهر البارد في العام 2007 عن توليد 0.6 مليون متر مكعّب من الركام. ووفقًا لبصبوص (2021)، استُخدم الركام الناتج عن ذلك النزاع في توسيع مرفأ طرابلس. كما استُخدم الركام الناتج عن الحرب الأهلية اللبنانية في العام 1975 في مشاريع استصلاح الأراضي على طول المناطق الساحلية ذات الأهمية الاستراتيجية. ويُعدّ مشروع عين المريسة على الواجهة البحرية لبيروت مثالًا على استخدام حطام الهدم الناتج عن الحرب الأهلية لاستصلاح الأراضي (بصبوص، 2021).

     

    معالجة مخلّفات البناء والهدم

    على الرغم من أنّ التجارب السابقة في إدارة الحطام تشير إلى ممارسات ضارّة بالبيئة مثل التخلّص من الركام على اليابسة أو في البحر، لا يجب أن تنتهي دورة حياة الحطام بهذه الطريقة. في ما يتعلق بإدارة مخلّفات البناء والهدم، تجدر الإشارة إلى أنّ الخيارات المُتاحة لإدارة الحطام تعتمد على كيفية المعالجة الأولية له. ويُعدّ الفرز المسبق للحطام شرطًا أساسيًا يتيح إعادة استخدامه وإعادة تدويره. وبالتالي، تنخفض فرص إعادة التدوير انخفاضًا كبيرًا عند جمع الحطام مع النفايات العامة (تقييم مخلّفات الهدم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 2020).

     

    تعتبر هذه النقطة ذات أهمية خاصة نتيجة وجود أنواع مختلفة من النفايات الخطرة في الركام. وتشمل المواد الخطرة الموجودة عادة في الحطام الأسبستوس، وهو عبارة عن ألياف معدنية موجودة في الصخور والتربة، تُستخدم عادةً في مواد البناء للعزل ومقاومة الحرائق. فيؤدي إطلاق ألياف الأسبستوس في الهواء أثناء أعمال الهدم إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض الرئة نتيجة التعرض لها، وقد يؤدي إلى الإصابة بالسرطان (وكالة حماية البيئة، 2024).

     

    وتشمل المواد الخطرة الأخرى: (1) المعادن الثقيلة المُستخدَمة في المكوّنات الهيكلية للأبنية، (2) والمواد الخطرة الموجودة في البطاريات والألواح الشمسية، والدهانات، والمواد اللاصقة، وغيرها من المواد الكيميائية، بالإضافة إلى المخلّفات الطبية ومخلّفات الرعاية الصحية (الناتجة عن المستشفيات والعيادات المتضررة)، (3) والتربة الملوَّثة في المناطق القريبة من المباني المتضررة أو الواقعة أسفلها. يجب إزالة هذه المواد الخطرة من الحطام قبل معالجته وتنظيفه، وهي مهمة مُكلِفة وتتطلّب جهدًا كبيرًا. وكلّما ازدادت نسبة التلوث بهذه المواد، تضاءلت بشدّة الخيارات المتاحة لإعادة تدوير الحطام وإعادة استخدامه (إرشادات إدارة الحطام لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 2010).

     

    بالإضافة إلى ذلك، يشكّل احتمال وجود أنواع مختلفة من الذخائر غير المنفجرة في الركام مصدر قلق لإدارة الحطام بعد النزاعات. فيجب عادةً مسح منطقة العمل للبحث عن الذخائر غير المنفجرة كشرطٍ مسبقٍ للمباشرة بأيّ معالجة للحطام في مرحلة ما بعد النزاع، كما يجب على الجهة الحكومية المختصة التصديق رسميًا على منطقة العمل. وعليه، تُعتبر معالجة الحطام نشاطًا محفوفًا بالمخاطر بسبب المواد المؤذية التي قد يحتوي عليها.

     

    المشهد السياساتي

    يستعرض هذا القسم المشهد السياساتي المتعلق بإدارة مخلّفات البناء والهدم في لبنان. في 12 أيار/مايو 2024، أصدرت وزارة البيئة تعميمًا يتضمن إرشادات لإدارة ردميات الحرب. في ما يتعلق بإنشاء مواقع التخزين المؤقت والتخلص النهائي، تدعو الوزارة في تعميمها إلى إعطاء الأولوية للمناطق المتدهورة بيئيًا الأقرب جغرافيًا من المناطق المتضررة، وخاصة المقالع (على اختلاف فئاتها) سواء كانت متواجدة على الأملاك العامة أو الخاصة، بعد موافقة أصحابها.

     

    بالإضافة إلى ذلك، يحظر التعميم التخلص العشوائي من الردميات، بما في ذلك في المكبّات. كما يدعو إلى فرز المواد لإعادة استخدامها وإعادة تدويرها، وفصل المواد الملوثة والخطيرة عن بقية الردميات، وفقًا للمرسوم 2019/5606. أما بالنسبة للمخلّفات التي لا يمكن إعادة استعمالها أو تدويرها، فيدعو التعميم إلى استخدامها في تأهيل المقالع، مع التقيّد بالضمانات البيئية.

     

    وتجدر الإشارة إلى تطوّر سياساتي حديثٍ يتعلق بإدارة مخلّفات الهدم والبناء، يتمثل في إطلاق الاستراتيجية الوطنية للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة. أطلقت الحكومة هذه الاستراتيجية بعد موافقة مجلس الوزراء عليها بموجب القرار رقم 5 بتاريخ 17/ 2024/12. وتهدف الاستراتيجية إلى تحويل لبنان نحو نظام أكثر استدامةً وفعاليةً وتكاملًا لإدارة النفايات، وإنهاء ظاهرة المكبات وحرق النفايات في الهواء الطلق.

     

    تستند الاستراتيجية إلى مبادئ رئيسية وفقًا للقانون رقم 80 لعام 2018 المتعلق بالإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة، مثل تقليل النفايات، وإعادة استخدامها، وإعادة تدويرها، بالإضافة إلى مبادئ الاستدامة، واللامركزية، ومبدأ "تحميل الكلفة للملوّث" (الملوّث يدفع) (مجلس الإنماء والإعمار، 2024). أما في ما يتعلق بمواقع مخلّفات البناء والهدم، فتنصّ الاستراتيجية على اتخاذ تدابير علاجية تشمل الفرز، والسحق، وإعادة التدوير؛ ونقل مخلّفات البناء والهدم إلى مكبات معتمدة ومخصصة؛ وتسوية السطح؛ والتغطية بالتربة (إعادة الغطاء النباتي). وتشمل التدابير الأخرى على مستوى الأنظمة فرض عقوبات على التخلص العشوائي من المخلّفات، ووضع مواصفات فنية لإعادة التأهيل (مجلس الإنماء والإعمار، 2024).

     

    حاليًا، ما من تشريع محدّد يتناول مخلّفات البناء والهدم، بل تقع هذه المسألة ضمن الإطار الأوسع للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة، كما هو موضح في الاستراتيجية الوطنية للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة في لبنان (شباط/فبراير 2024). يوفر القانون رقم 80 لعام 2018 المتعلق بالإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة إطارًا لإدارة هذه النفايات، بما في ذلك مخلّفات البناء والهدم. فيُصنَّف هذا القانون مخلّفات البناء والهدم ضمن النفايات غير المنزلية، التي تشمل النفايات الصلبة الناتجة عن المؤسّسات التجارية أو الصناعية أو الإدارية أو غيرها (المادة 1.4).

     

    ويضع القانون رقم 444/ 2002، أي قانون حماية البيئة، المبادئ الأساسية والأحكام العامة التي تنظّم حماية البيئة وإدارتها، والحفاظ على الأحواض البيئية، وتقييم الأثر البيئي للمشاريع. كما يحدّد هذا القانون مسؤوليات المخالفين وملوّثي البيئة والعقوبات المفروضة عليهم.

     

    ويُعتبر القانون رقم 64 لعام 1988 أيضًا من التشريعات ذات الصلة، حيث ينظّم حماية البيئة من التلوّث الناجم عن التخلص من النفايات والمواد الخطرة. وينظم هذا القانون إدارة المواد السامة والنفايات الخطرة (قاعدة بيانات FAOLEX، 2019). كما يحظر المرسوم التشريعي 1931/7975 إلقاء النفايات الصلبة بشكل عشوائي في محيط المناطق السكنية، ويكلّف البلديات بإزالتها وإدارتها. علاوة على ذلك، هناك مرسوم خاص بإدارة النفايات الخطرة (المرسوم 2019/5605)، بالإضافة إلى المرسوم 2019/5606 بشأن فرز النفايات من المصدر.

     

    على صعيد الاتفاقيات الدولية، صادق لبنان على اتفاقية بازل (المصادق عليها بموجب القانون رقم 387 لعام 1994) بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود، التي تهدف إلى تقليل نقل النفايات الخطرة بين الدول والحد من سميتها وكميتها (إطار عمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للإدارة البيئية والاجتماعية، 2022).

     

    كما أنّ لبنان دولة موقّعة على اتفاقية برشلونة لحماية البحر الأبيض المتوسط من التلوّث، التي عُدّلت لاحقًا لتصبح اتفاقية حماية البيئة البحرية والمنطقة الساحلية للبحر الأبيض المتوسط (المصادق عليها بموجب القانون رقم 292 لعام 1994). وعلى الرغم من وجود هذا الإطار، فإنّ تطبيقه لا يزال ضعيفًا، ولا يزال الإطار القانوني لإدارة النفايات الصلبة غير مكتمل. ويُعدّ وضع خطط وإجراءات التنفيذ شرطًا أساسيًا لتحقيق إدارة فعالة لمخلّفات البناء والهدم.

     

    وفي ما يتعلّق بالخطوات المتخذة لإزالة الركام الناتج عن النزاع الأخير مع "إسرائيل"، وافق مجلس الوزراء في كانون الأول/ديسمبر 2024 على دفترَيْ الشروط وملحقاتهما الخاصة بتلزيم عمليات الهدم وإزالة المباني المهدّمة (مطر، 2024). ووفقًا لمصادر إخبارية، أعلن مجلس الجنوب في كانون الأول/ديسمبر 2024 عن إطلاق مناقصة لهدم الركام الناتج عن الحرب ونقله (لوريان توداي، 2024). وقد أعدّت هيئة الشراء العام دفاتر شروط وفقًا لصيغتين: عقود بالتراضي، إلى جانب المناقصات أو استقصاء الأسعار (بزي، 2024).

     

    التحديات

    كان لبنان يعاني من مشكلة مستمرة تتعلق بإدارة النفايات الصلبة حتى قبل النزاع الأخير مع "إسرائيل". ووفقًا لتمراز وآخرين، هناك نقص في البيانات المتعلقة بكمية مخلّفات الهدم الناتجة وطبيعتها، كما يفتقر لبنان إلى توثيق واضح لأساليب معالجة المواد الناتجة عن الهدم والتخلص منها (سرور وآخرون، 2013؛ تمراز وآخرون، 2011).

     

    ومن الثغرات الأخرى في إدارة مخلّفات البناء والهدم غياب البنية التحتية اللازمة لإعادة التدوير أو التخلص من المخلّفات الناتجة عن الهدم، وعدم القدرة على السيطرة على الرمي العشوائي. بالإضافة إلى ذلك، تغيب التحقيقات الوطنية حول مدى ملاءمة مخلّفات البناء والهدم لإعادة التدوير، نظرًا لاحتمال احتوائها على ملوثات متنوعة (إطار عمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للإدارة البيئية والاجتماعية، 2022).

     

    وقد أدى غياب التشريعات المتماسكة القابلة للتنفيذ، إلى جانب سياسات النفايات الصلبة التي عفا عليها الزمن، إلى إيجاد إطارٍ تنظيمي مجزّأ يعيق الإدارة الفعالة لمخلّفات البناء والهدم. علاوة على ذلك، يُعتبر نقص الموارد المالية تحديًا رئيسيًا يحول دون تطوير وتنفيذ خطط لإدارة المخلّفات الناتجة عن الكوارث، حيث إنّها تتطلب ميزانية كبيرة. وفي ظلّ غياب الموارد المالية، تصبح الطرق الأقلّ كلفة للتعامل مع النفايات، كالرمي العشوائي، هي الخيار السائد (الطويل وآخرون، 2023).

     

    لماذا تُعتبَر هذه المسألة مهمّة؟

    إنّ حجم الركام الناتج عن النزاع الأخير غير مسبوق، كما أنّ معالجة مشكلة الركام ومخلّفات البناء والهدم تُعدّ بالغة الأهمية، حيث تجاوزت المكبات قدرتها الاستيعابية. ويؤدي التعامل غير السليم مع هذه المخلّفات إلى مخاطر بيئية وصحية جسيمة. وفي ظلّ غياب خطط التأهُّب والاستجابة للكوارث، بالإضافة إلى غياب إطار تشريعي وطني يضع الأساس لإدارة المخلّفات الناتجة عن الكوارث، فإنّ لبنان غير مجهز للتعامل مع الكميات الكبيرة من مخلّفات الهدم. ويطيل سوء إدارة أنواع المخلّفات الناتجة عن الكوارث الوقت اللازم للتعافي ويزيد من تكاليف إعادة التأهيل والتعافي بعد الكارثة (نقلاً عن الطويل وآخرين، 2023).


     

    المصادر

    مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية. نداء عاجل: لبنان، تشرين الأول/أكتوبر- كانون الأول/ديسمبر 2024 (تشرين الأول/أكتوبر 2024).

     

    مجموعة البنك الدولي. تشرين الثاني/نوفمبر 2024. تقرير جديد للبنك الدولي يُقيّم أثر الصراع الدائر على اقتصاد لبنان وقطاعاته الرئيسية (تشرين الثاني/نوفمبر 2024).

     

    كلّاب، أ.، قصقص، آ. 2024. نحو يوم تالٍ مستدام: إدارة حطام الهدم في أعقاب نزاع لبنان 2024. مركز الحفاظ على الطبيعة في الجامعة الأميركية في بيروت.

     

    تمراز، س. ن.، سرور، إ. م.، وشهاب، ج. ر. (2011). إدارة مخلّفات الهدم والبناء في لبنان. في المؤتمر الدولي حول التصميم والبناء المستدام ICSDC 2011: دمج ممارسات الاستدامة في قطاع البناء (ص. 375-383).

     

    وكالة الطوارئ المدنية السويدية/برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. (2010). إرشادات إدارة الحطام.

     

    لوثر، ل. (2017). إدارة حطام الكوارث: المتطلبات، والتحديات، وأدوار الوكالات الفيدرالية.

     

    الأخبار، الثلاثاء 3 كانون الأول/ديسمبر2024 ، نقاش في ردم بحر الأوزاعي بركام الضاحية.

     

    مطر، سارة. 2024. العربي الجديد. أنقاض لبنان... آليات تلزيم غامضة وملامح محسوبيات.

     

    لوريان توداي. كانون الأول/ديسمبر 2024. مجلس الجنوب يعلن عن مناقصة لإزالة الركام.

     

    بزي، فؤاد. كانون الأول/ديسمبر 2024. الأخبار» الشراء العام« جهّزت عقودًا بالتراضي وباستقصاء الأسعار: رفع الأنقاض يسير ببطء.

     

    الطويل، ل.، مسعود، م. أ.، باردوس، م.، وعلم الدين، إ. (2023). تحديات إدارة مخلّفات الكوارث والعوامل الممكِّنة للتخطيط الاستراتيجي: حالة انفجار مرفأ بيروت. مجلة "إدارة النفايات والبحوث" (Waste Management & Research)، 41(8)، 1382-1389.

     

    سرور، ع. م.، شهاب، غ. ر.، الفاضل، م.، وتمراز، س. (2013). تقييم اقتصادي قائم على تجارب أولية لإعادة تدوير مخلّفات البناء والهدم. مجلة "إدارة النفايات والبحوث" (Waste Management & Research)، 31(11)، 1170-1179.

     

    برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (2020). تقييم مخلّفات الهدم خارج مرفأ بيروت.

     

    بصبوص. (2021). من ركام بيروت. مجلة "المراجعة المعمارية" (The Architectural Review). صور المدن.

     

    برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (2022). برنامج التعافي البيئي الضروري في بيروت، واستعادة البيئة، وإدارة النفايات (P176635). إطار الإدارة البيئية والاجتماعية.

     

    وكالة حماية البيئة الأميركية (2024). تعرَّف على الأسبستوس.

     

    منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (2019). قاعدة بيانات FAOLEX. لبنان. القانون رقم 64 لعام 1988 بالمحافظة على البيئة ضد التلوث من النفايات الضارة والمواد الخطرة.

     

    مجلس الإنماء والإعمار. (2024). المسودة النهائية للاستراتيجية الوطنية للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة في لبنان. الملخص التنفيذي.

     

    وزارة البيئة.2017. لمحة تاريخية.

     

    القانون رقم 80 لعام 2018 بشأن الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة.

     

    القانون رقم 292 لعام 1994 بشأن الإجازة للحكومة الانضمام إلى بروتوكولين ملحقين باتفاقية حماية البحر المتوسط الموقعة في برشلونه بتاريخ 16/02/1976.

     

    برنامج الأمم المتحدة للبيئة. خطة عمل البحر الأبيض المتوسط. اتفاقية برشلونة والتعديلات.

     

    تعميم رقم 6/1: الإرشادات البيئية لإدارة ردميات الحرب.

     

    رشا عاقل

    رشا عاقل هي باحثة مبتدئة في المركز اللبناني للدراسات. تحمل إجازة في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا من الجامعة الأميركية في بيروت بدرجة امتياز عالٍ، وشهادة ماجستير في دراسات الهجرة من الجامعة اللبنانية الأميركية. خلال دراسة شهادة البكالوريوس، عملت عقل كمدرّسة خصوصية، وخلال دراستها العليا في الجامعة اللبنانية الأميركية، عملت كمساعدة باحث في معهد دراسات الهجرة.

اشتركوا في نشرتنا الإخبارية
شكرًا للإشتراك في نشرتنا الإخبارية